لقد شهدت فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين تركيزًا ملحوظا على موضوع "المعرفة" وعلاقتها بثورة التكنولوجيا والاتصالات من ناحية وعلاقتها بتنامي المجتمع المعلوماتي من ناحية أخرى، وقد جاء ذلك مصاحبًا للوعي الكامل بالأهمية الوظيفية "للمعرفة" والناتج بدوره عن تغلغل تقنيات المعلومات والاتصالات في بنية الحياة الاجتماعية وتحكمها بشكل عضوي في شبكة العلاقات الاجتماعية للإنسان المعاصر، مما ساعد على ظهور مفهوم "مجتمع المعلومات"، هذا إلى جانب عوامل دولية أخرى أهمها ظاهرة العولمة التي حملت لنا معها مفهوم المجتمع المعلوماتي، الذي يعرف بأنه "المجتمع الذي تتاح فيه لكل فرد فرصة الحصول على معلومات موثقة من أي شكل ولون ومذهب واتجاه ومن أي دولة من دول العالم دون استثناء، عبر شبكات المعلومات الدولية، بغض النظر عن البعد الجغرافي وبأقصى سرعة وفي الوقت المناسب للمشاركة في عملية التبادل الإعلامي".
العولمة وتأثيراتها
لقد نالت ظاهرة العولمة وتجلياتها الاتصالية والمعلوماتية والثقافية اهتمامًا كبيرًا لتأثيرها على وظائف الاتصال والإعلام في مجتمع المعلومات حيث تقوم على الارتباط الشديد بين دول العالم عبر استخدام تكنولوجيا الاتصال، وقد أدى ذلك إلى تحويل العالم بطبيعته المادية إلى عالم رقمي وافتراضي، حيث انتقلت كافة مجالات الحياة لتأخذ طابعًا رقميًا يدور في فلك الفضاء الالكتروني، كما شهد العالم اتجاهًا لإنتشار الموجة الديمقراطية والتوجه نحو اقتصاد السوق، وكان لذلك انعكاسات على القيم والمعتقدات والأفكار.
وكنتيجة لذلك، تضاءل دور الحدود السياسية لتصبح مؤشرًا على "أراضي الدول" فقط، حيث ساعدت العولمة على الثورة الإعلامية وتنوع وسائل الاتصال الجماهيري. فنحن نعيش اليوم عصر التكنولوجيات والمعلومات والتواصل الاجتماعي، كما نعيش في مجتمع المعلومات الذي يعتمد على استثمار التكنولوجيات الحديثة في إنتاج المعلومات الوفيرة لاستخدامها في تقديم الخدمات على نحو سريع وفعال.
فالعولمة إذن هي تجسيد للتطورات الحياتية والفكرية والتكنولوجية المتلاحقة، التي تؤدي إلى انكماش العالم من حيث الزمان والمكان، وبالتالي زيادة وعي الأفراد بهذا الانكماش، فهي حقيقة حياتية جديدة، لم تبرز سوى خلال عقد التسعينيات من القرن العشرين، وبالتالي فإن علاقة العولمة بكل من ثورة المعلومات وثورة وسائل الإتصال وثورة الحاسبات الإلكترونية هي علاقة تبادلية من حيث السبب والنتيجة، ويظهر ذلك حسب ما أورده بعض المفكرين فيما يلي:
حدوث نمط من التفاعلية الجديدة بين قطاع الإتصال والمعلومات وبين سائر القطاعات الإجتماعية وهو ما أنتج " مجتمع المعلومات".
اتسعت الأنشطة الإعلامية الاتصالية متخطية الحدود القومية بحيث أضحت المجتمعات المختلفة وثيقة الإتصال ببعضها البعض وهو ما يسمى بالدبلوماسية.
العلاقة بين العولمة والتواصل الاجتماعي
كنتيجة لتنامي ظاهرة العولمة، ظهر مفهوم الإعلام الجديد "إعلام التواصل الاجتماعي" كمفهوم يتمحور حول الإعلام الديناميكي التفاعلي الذي يجمع بين النص والصوت والصورة في ملف واحد، والذي يشارك فيه القارئ أو المتلقي أو الجمهور بصورة عامة بدلاً من أن يكون مستقبلاً للرسالة الإعلامية فقط ومتأثرًا بمضمونها، حيث أدى التطور التكنولوجي دورًا فاعلاً ومهمًا في إضفاء ما يعرف بالتفاعلية على هذا النوع من الإعلام.
ومن هنا أصبح بإمكان المستفيد "لجمهور" التفاعل مع الطرح الإعلامي وقراءته والتعليق عليه، بل أصبح هذا المستفيد في بعض الأحيان هو صانع المادة الخبرية نصًا وصورة وتعليقًا، ومن ثم أصبح مشاركًا حقيقيًا في العمل الإعلامي. ومن أهم أدوات الإعلام الجديد مواقع الشبكات الاجتماعية على الإنترنت، أهمها الفيسبوك وتويتر التي استطاعت أن تخلق إعلامًا مختلفًا عن الإعلام التقليدي في الطرح والتفاعل وسرعة نقل الخبر وتدعيمه بالصورة الحية المعبرة.
فنجد أنه في الظروف الطارئة والأحداث العالمية استطاعت هذه الشبكات أن تتفاعل مع هذه الأحداث على مدار الساعة، وتنقل الحدث أولاً بأول ومن مكان حدوثه، ويواكب هذا النقل سرعة انتشار مذهلة لا يستطيع الإعلام التقليدي مجاراتها بأي حال من الأحوال وتحت أي ظرف من الظروف، ومن دون شك فإن وسائل الإعلام الجديدة تؤدي بجدارة مهمة الترويج للقيم الثقافية للعولمة، ونشرها في مختلف مناطق العالم، فهي قادرة على تحقيق مساعي العولمة لتنميط ثقافات الشعوب، وقادرة على تجسيد ما يرمي إليه الإعلام الغربي عبر الفيسبوك وتويتر، التي يعتبرها العديد من الكتاب والمختصين وسيلة لنشر قيم العولمة الغربية بجدارة، وتحقيق غاياتها خاصة في المجال الثقافي، فهي العربة التي تنقل عدة ثقافات وقيم وأنماط سلوكية ومضامين لعدة متلقين في كل أنحاء العالم، بكل سهولة وبتكلفة قليلة.
واستنادًا على ما سبق، يمكن القول بأن العلاقات الاجتماعية قد تأثرت بطريقة ما بالتطورات الهائلة المتتالية التي حدثت في المجتمعات في ظل العولمة، خاصة فيما يتعلق بظهور شبكات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها الفيسبوك وتويتر.
لا تنسى الاطلاع على مقال "ما لا تعرفه عن تويتر" وشكرًا على حسن المتابعة.
تعليقات
إرسال تعليق